Top Ad unit 728 × 90

أسرة عبد المولى .. من "جنّة البرَّاكَـة" إلى عذاب شقة مشتركة

أسرة عبد المولى .. من "جنّة البرَّاكَـة" إلى عذاب شقة مشتركة



عند حدود الساعة السابعة صباحا من أحد أيّام شتاء سنة 2008، دكّتْ جرّافةٌ أوْفدتها سلطات الرباط إلى "دوّار الكورة"، الواقع بحي يعقوب المنصور وسط العاصمة، مسْكنَ عبد المولى مجاهد وأسرته الصغيرة، وكانَ عبارة عن "برّاكة"؛ ودكّتْ معه "براريك" أخرى، في إطار برنامج محاربة دور الصفيح.
وحينَ أتت الجرّافةُ على "براكة" عبد المولى، تمّ نقْلهُ وزوْجتهُ وطفلتهما الصغيرة إلى شُقّة صغيرة، في تجزئة مُخصصة لأصحاب "البراريك" المُهدّمة، وهُناكَ بدأت فصولُ معاناة أخرى؛ ما زالت الأسْرة الصغيرة تتجرّعها إلى حدود اليوم منذ ذلك الصباح الماطر من سنة 2008.
يقولُ عبد المولى إنّه يعيشُ رفقة زوجته وابنتهما الصغيرة في جحيم حقيقي، بسبب إقدام سلطات الرباط على إسكانِ قريبٍ له معه في شقّة واحدة، رغم أنَّ هذا القريب لمْ يَكنْ يسكنُ معه أيّامَ كان قاطنا في "البراكة"، إلا أن السلطات أصرّتْ على أن يقتسمَ معه الشقة، واضطرَّ للقبول مُكْرها بعدما صارَ بلا مأوى.
تحتوي الشقّة الصغيرة على غُرفتيْن، وصالون ومطبخ وحمّام. ويُشيرُ عبد الموْلى إلى أكوامٍ من الملابسِ والأمتعة مرميّة على طاولة وسطَ الصالون قائلا: "إننا نعيشُ وسطَ فوضى". وإلى يسار الصالون توجدُ غرفة صغيرةٌ هيَ غرفة نومِ عبد المولى وزوْجته وطفلتهما البالغة من العمر 11 عاما، بيْنما يستغلّ قريبه الغرفة الثانية.
وبينما يقول المسؤولون إنَّ الهدفَ من محاربة دور الصفيح هوَ توفيرُ سكنٍ لائقٍ للقاطنين بـ"البراريك"، فإنّ عبد الموْلى وزوجته يتحسران على الأيام التي كاناَ يعيشان داخلَ "البراكة" وسط دوار الكورة، فهناك كان الأبُ والأمّ وطفلتهما الصغيرة يعيشون في سلام، وتحفظ الجدران القصديرية لـ"البراكة" حميميتهم؛ أمّا الآن، وهُمْ يعيشون داخل شقّة، فمَا عادت الحميمية مُحصّنة؛ ليْس لأنّ القريبَ يصولُ ويجولُ داخل الشقّة، بقرارٍ من السلطات، بلْ أيْضا، لكونِ عبد المولى ينامُ هُو وزوْجته وابنتهما داخلَ غُرفة صغيرة واحدة، بحيث تنامُ الطفلة التي توشك على دخول مرحلة المراهقة على أريكة، وينامُ والداها بالقرب منها على الأرض.
"كيفَ يُعقل أنْ تنامَ بنت تبلغ من العمر 11 عاما في غرفة مع والديها؟"، تتساءل زوجة عبد المولى، مضيفة: "منحوا شقّة صغيرة لعائلة رفقة شخص أعزب؛ هذا لا يقبله العقل، فأين هي حقوق هذه الطفلة الصغيرة التي من المفروض أنْ تنامَ في غُرفة مستقلّة؟". أمّا الطفلة فتقول إنّها تعيش في خوْفٍ دائم، ولا تستطيعُ حتى التركيز في مراجعة دروسها، بسبب سلوكات القريب"، حسب قولها، وتضيف: "في الليل يشغل آلة التسجيل بصوتٍ مرتفع، ولا أستطيع أنْ أنام، وهذا يؤثر على دراستي".
لمْ يترك عبد المولى وزوْجتُه بابا إلا طرقاه، بحثا عمّن يُنقذهما وطفلتهما من جحيم السكن المشترك الذي يتخبّطون فيه منذ سبْع سنوات. "قلْتُ للمسؤولين إذا لمْ تصدّقونا أرسلوا لجْنة إلى بيْتنا على الساعة الثالثة صباحا لتتأكّدوا بأنفسكم من أننا نعيش في جحيم حقيقي"، يقول عبد المولى، متابعا: "تعبْنا من طرْق الأبواب، وكلّما قصدْنا مكتبَ مسؤول يُغلقُ الباب في وجهنا".
أسرة عبد المولى أبدتْ رفْضها الانتقالَ إلى الشقّة حينَ توصّلتْ بوثيقة التسليم، وفيها أنَّ الأسرة ستعيش تحتَ سقف الشقة مع شخص آخر؛ لكنّ الرفض سُرعانَ ما تبدّدَ تحتَ زخّات المطر بعدما هُدم المسكن الصفيحي. "كنّا نائمين حينَ طُلبَ منّا إخلاء المكان، وبسرعة أتت الجرافة على مسكننا، ولم يتركوا لنا حتى فرصة جمع أغراضنا.. فقدنا كلّ شيء"، تقول الزوجة.
ومنذ ذلك الحين لمْ يتوانَ عبد المولى في مراسلة جميع الجهات، من وزير الإسكان والتعمير، ووالي جهة الرباط-سلا-زمور زعير (في التقسيم الجهوي السابق)، والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، إلى مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، باعتباره كان يُقيم في إسبانيا، لكنّ جميعَ نداءاته إلى المسؤولين بإيجاد حلّ لمشكله لمْ تلْقَ آذانا صاغية.
وإثرَ ذلك لجأتْ زوجةُ عبد المولى إلى الشارع للاحتجاج، حيثُ اعتصمتْ رفقة متضررين آخرين في الشارع العام، ليتمّ اعتقالها بتاريخ 25/05/2011، وحُكم عليها بستة أشهر موقوفة التنفيذ، حسب ما تضمنته رسالة وجهها عبد المولى إلى وزير الإسكان والتعمير.
وأضاف المتحدث، في حديث لهسبريس، أنَّ السلطات منعت زوجته من تبليغ مظلمة الأسرة إلى الملك؛ مناشدا إياه إعطاء أوامره للمشرفين على برنامج إعادة إيواء قاطني دور الصفيح من أجْل تمتيع أسرته بسكنٍ مستقل؛ وتقول زوجته: "سيدنا ما قالش هادشي، هو عطا الأوامر ديالو باش كل أسرة تستافد من سكن خاص، والمسؤولين قلبو كلشي على حسابهم هوما".
أسرة عبد المولى .. من "جنّة البرَّاكَـة" إلى عذاب شقة مشتركة Reviewed by ben86 on 17:45 Rating: 5

Aucun commentaire:

All Rights Reserved by جريدتي اليومية © 2014 - 2015
Designed by JOJOThemes

Formulaire de contact

Nom

E-mail *

Message *

Fourni par Blogger.